Dec 4, 2009

آى دونت سبيك فرنش

وصلت مطار الحريري مبكرا جدا عن موعد طائرة العودة للقاهرة
جلست أقرأ حتى وجدت صوتا يصيح:-اقعدي هنا ما تتحركيش
واكملت السيدة للفتاة التي تنظر لها باستسلام بقية كلامها بالفرنسية
سرعان ما بدأ الهاجس الطبقي يراودني وتخيلت الفتاة المسكينة خادمة السيدة
ثم تنبهت "ليونيفورم"السيدة فزاد غيظي
كيف تعامل موظفة شركة طيران راكبة بهذه الطريقة
ليبدأ الهاجس العنصري خاصة والفتاة الصامتة المستسلمة للأوامر أفريقية الملامح
....
بعدها جاءت نفس السيدة اللبنانية أو زميلة لها - لم أتاكد من الملامح- خاصة مع غضبي من الموقف السابق
سألتني: مسيو مسافر القاهرة؟
أجبت بسخرية: لأ كايرو
تجاهلت ببرود مزحتى ثم قالت: القاهرة اتغير مكان طائرتها .. الطائرة بقت عند بوابة 7 مش 16
ثم ذهبت الموظفة للفتاة الأفريقية وأشارت لها ان تتبعني
....
سرت فى الممرات الطويلة للمطار والفتاة بنفس الهدوء والاستكانة تتبعني كالظل
....
وعند البوابة 7 جلست على الكرسي لأجد الفتاة تجلس قريبا مني وبين الحين والآخر تقترب مني محاولة الحديث..إلى ان جاءت وصافحتني ثم قالت جمل كثيرة متتابعة رغم عدم تخليها عن الهدوء
كنت أرد بجملة اكررها عدة مرات متتالية لتحاول ان تفهمني
:آى دونت سبيك فرنش
وهي تكمل واكرر:-آى دونت سبيك فرنش
ثم فجأة اشارت لحقيبتي وهي تحاول معى لعلي افهمها:- مسيو يو فور مي
لم استوعب اشارتها وظللت اكرر جملتي وقد تبخرت كل الجمل التى تعلمتها بالفرنسية أثناء الثانوي
.....
اخيرا ناديت لموظفة في شركة الطيران وشرحت لها:أنا مش بتكلم فرنسي ..من فضلك ساعديها
ظلت الموظفة تحاول فهم أي شيء منها ولم تتمكن فنادت لاحد زملائها
كاد الموظف وزميلته يصيبان بالجنون من كثرة تكرار كلامهم لها حول انها ستذهب لمدغشقر بلدها عبر القاهرة
شرح لي الموظف ان الفتاة غير مقتنعة ولا تبدي استجابة وإنما تجادلهم وهم يشرحون لهم بما في تذكرتها من معلومات لكن بلا جدوي
إلي ان تعب الموظف فرجاها ان تجلس وفعلت اخيرا
...
قامت الفتاة مرة اخري وظلت "ترطن "بالفرنسية معي وحين وضعت كفيي على رأسي قائلا:آى دونت سبيك فرنش
قام الموظف من على مكتبه أمامنا لمساعدتي
وبعد جولة جديدة معها اخيرا سألني: هل هذه حقيبتك؟ لم املك سوي الضحك (خاصة والحقيبة لا تعد مطمعا ولا يوجد بها سوى ملابسي المتواضعة يعني بالعامية المصرية:لو نصابة نقبها على شونة)
وقلت: ايوه ليه؟ قال أن الفتاة تقول إنها حقيبتها ..فزاد ضحكي والموظف يهز رأسه لي كي أساعده في اقناعها وأمسك بالشريط الملصق على الحقيبة-الشريط وضع في رحلة الذهاب فقد قررت لحظي السيء -أن أحتفظ بالحقيبة معي في الطائرة هذه المرة
قرأ لها اسمي وأخيرا نجح فى اقناعها ان حقيبتها تم شحنها للقاهرة وستستلمها بالرقم الملصق علي تذكرتها وأن هذه حقيبة تشبهها ..هل قبلت الفتاة تلك المعلومة؟ لا أعرف فقد جلست بنفس النظرة الهادئة والملامح الجامدة المستكينة
......
من حسن حظي انها لم تكن في المقعد المجاور فى الطائرة فمهما تحدثت
آى دونت سبيك فرنش
أشرف نصر
*الصورة: لبرج بابل حيث نزلت لعنة الرب وفرقت بين البشر وجعلتهم لا يفهمون لغات بعضهم البعض