Aug 30, 2015

دعوة "للتورط" فى ... ديموديه !



ديموديه ..
أولنا الموت وأخرنا الموت وبينهما الغناء !

يضع الكاتب أحمد نبيل يده على عالم الغناء/عالم الكاسيت/الزمن القديم
بدايات الأشياء وطفولة البشر وتحولات الحياة ومصائرهم
فى كل قصة بهجة
لكن بين السطور وجع وألم
البدء بعيد الميلاد لكنه "عام الحزن" حيث (تفرغ ملك الموت لاصطياد أهل الإبداع) تاركا بطل القصة فى مفارقة مؤلمة،
 وفى منتصف المجموعة نعيش مع أصدقاء الطفولة والشباب وتحولاتهم الغريبة ومصائرهم المفجعة أحيانا، المضحكة أحيانا، المثيرة للأسى دائما،
 فى المنتصف قصة "الغناء تحت المطر" وبطلها الصاخب فى حياته الموجع فى رحيله،
ويعبر بعدها الكاتب ببقية شخوص عالمه فى عالم من الواقعية السحرية
خاصة فى قصة "منقلبة" الذي يتحول بطلها "حنفي الفيل" لعصفور وفيل وكل ما يفوق الخيال،
تشعر أنه –الكاتب-يعربد فى منتصف القصص بكل متع الحياة لكن الموت حاضر وجاثم دائما بين السطور،
حتى تصل لأكثر القصص وجعا وألما وشجنا، القصة التي لا تكتب كل يوم، ولا كل عشر سنوات حتى!،
 أعني قصة"يا ليل" هنا ليل وصبح شقيقان، مات احدهما وحمل الآخر الشعور بالذنب، اغترف ليل من متع الدنيا ونال صبح بعض من خيراتها على يديه وتحت جناحه، لكن الموت/القدر يتربص بالجميع، فيحول صبح لقابيل الذي قتل هابيل،
ولكن هنا لسنا أمام القصة الدينية بل نحن مع القصة المكتوبة فهابيل (ليل) ربما يكون القاتل وليس العكس، أو على الأقل يسعى لحتفه،
وربما لا قاتل ولا مقتول وإنما ليل وصبح فى دائرة جهنمية تجعلنا جميعا (نقتل) بفتح النون وضمها!
**
مجموعة ديموديه تحتاج لقراءة واحدة،
فتجد نفسك "متورطا" فى قراءتها مرات ومرات، فالحكايات على عذوبتها لا تمنحك كل متعها من مرتها الأولى بل تثير شهيتك للبحث بين سطورها ومعادوة قراءتها، "عن نفسي" صرت مصابا ب"عقدة" قراءة "يا ليل" حتى نسيت عدد مرات قراءتها!
*
 ديموديه قصص: أحمد نبيل
 دار:شرقيات2015
لوحات وتصميم الغلاف:هيثم شريف

Aug 12, 2015

الشرف .. السهل غير الممتنع !


الشرف.. السهل غير الممتنع !
 أشرف نصر

فيلم: الشرف
إخراج: محمد شعبان
سيناريو: مصطفى محرم عن رواية " بيوت وراء الأشجار " : محمد البساطي
 بطولة: فاروق الفيشاوي – جيهان فاضل – مصطفى شعبان

 " سامية ترحل مع شقيقها وزوجته عن بورسعيد بعد عدوان 1967 ضمن "المهجرين" الذين تفرقوا فى محافظات مصر بعد العدوان الإسرائيلي على مصر، وفى البلدة التي استقرت فيها سامية وأسرتها يراها الجزار مسعد فيعجب بها ويتزوجها ويعاملها كجارية ليس عليها سوى خدمته فى البيت وخاصة فى السرير، وتتعرف سامية على الشاب عامر الشاب الجامعي ابن صديق زوجها، ويعامله المعلم مسعد كإبن له ، ويضبط مسعد زوجته سامية مع عامر فيحبسها ويطارده حتى يجتمعون جميعا فى الغرفة ويحترق البيت بمسعد وسامية وعامر"

فى الفيلم سيظهر زمن الأحداث عبر توزيع صور جمال عبد الناصر فى البيوت، وأغاني قديمة فى الراديو وحوارات عابرة عن الحرب ، ويتم اختيار اسم الشرف بدلا من بيوت وراء الأشجار، التي يبحث الروائي كشفها للقارئ لنعرف أنها تحمل عكس ما يظهر لنا، اما عنوان "الشرف" حيث سيركز الفيلم على المباشرة فى طرح فكرة الشرف ، هل هو من حق الزوج الجاهل الهجمي السلوك أم أن سامية الحالمة الرومانسية هي الشريفة حقا وكانت ضحية الجميع،
فى واحد من مشاهد الرواية ( المهمة) تفقد بطلتها عذريتها بشكل يحمل كل البؤس والألم النفسي حيث نقرأ وصفا دقيقا لها وهي نائمة فى فصل المدرسة التي استقروا فيها، وتمتد يد من تحت الملاءة الفاصلة بين أسرتها وأسرة أخرى بها شقيقين من العجائز ، تمتد يد أحدهما وتبدأ فى التحرش بها حتى تفقد عذريتها وتنزل دموعها قهرا وكبتا وألما وبؤسا لا آخر له فهي حتى لا تعرف أيهما الفاعل، فى الفيلم ستجد الأسرة التي تشاركهم الفصل أسرة من البدناء فى محاولة للاضحاك من شكلهم وطريقة أكلهم، ثم تجد فى المشهد المشار إليه لفقد العذرية يد تمتد لجسدها فتنهض بسرعة مبتعدة وتخرج من المكان لتبكي، بدا المشهد فى الفيلم عابرا كمضايقة عادية وليس حدثا فارقا يستحق التوقف عنده و "بروزته"
ولو توقفنا عند سامية البطلة التي من المفترض معايشة أزمتها بدقة نجد التركيز على جمال ملامح الممثلة ومشاهد كثيرة لها فى الظل والنور وهي تحرك شعرها وتخفض نظرتها خجلا، دون أن نشعر بصدق أزمتها ،
والأكثر ضعفا بين الشخصيات هو عامر الذي نراه باهتا لا يأتي بتصرف درامي واحدا نفهم من خلاله شخصيته ولا يتحدث سوى بجمل غريبة كأنها من كتاب (وصفة الاكليشهات الجاهزة، صفحة الشباب) جملا مثل: لا يا عم مسعد المظاهرات مش حاجة وحشة – كل كلام الحب كنت باسخر منه لحد ما قابلتك يا سامية – انت وحيدة زيي يا سامية تعالي نهرب منه.
وفكرة الحوارات المعلبة مهيمنة على حوارات كل الشخصيات وليس عامر وحده ويمكن ملاحظة حوارات الفلاش باك بين سامية والمجند مجدي حبيبها الأول والذي غاب فى النكسة ،أو حوار شقيقة مسعد الطامعة فى مال سامية لان شقيقها مسعد سرق حقها فى الميراث، أو جملة سامية فى النهاية: انا باكرهكم كلكم ! أما المرة الأغرب فى الفيلم والتي خرجت من الحوارات المعلبة جاءت بمفردة من المنطقي أنها لم تكن متداولة فى زمن الفيلم اصلا، يقول شاب: هي المُزة معاك؟ فهل كانت توصف المراة (مُزة) فى 1967 !
 الاجتهاد الوحيد –فى رأيي- فى تفصيلتين الأولى أن أول لمسة يد بين سامية وعامر خلف ظهر مسعد، كتعبير حركي بالمصادفة عن  بداية علاقة، وكان مسعد مسطولا وعامر وسامية يحاولان مساعدته وتوصيله للفراش،
وكون الأحداث والزواج والجزء الحزين فى حياة سامية أثناء الصيف وعندما بدأ فصل الشتاء تحدث أول قبلة من عامر لسامية،
 بخلاف ذلك عاد الفيلم لفكرة تفصيل السيناريو لممثل ولن تكون سامية ! بل سيكون مسعد بسبب اسم الممثل
فنعيش أغلب الفيلم ونرى يضحك ويضاجع ويضرب يمنيا ويسارا فى محاولة لايصال النهم والسلوك الهمجي المفترض فى الشخصية،
 وظل فى منطقة "كان" كأن فاروق الفيشاوي مسعد، وكأن جيهان فاضل سامية، وكأن مصطفى محرم كتب سيناريو هاما، وكأن محمد شعبان قدم فيلم مؤثرا،
وكأن الشرف فيلما،
وكأني قدمت نقدا له !
***
نشر بمجلة أبيض وأسود
العدد 43 يوليو 2015