Jul 29, 2012

اليد اليسرى (2)

اليد اليسرى (2)

لم تحترق به الشقة

وهكذا فشل فى الانتحار كما فشل فى الكتابة
كل ما ناله هو سباب الجيران الذين اضطرتهم رائحة الشياط للدخول عنده
وكسروا بزيارتهم هذه قرارهم بمعاملته كالموبوء الذي يجب تجنبه
سبوه وخرجوا لكن طفلتهم وضعت يديها فى وسطها وهي تسخر منه
- حين ترغب فى الموت أرسل لي لأفعل، بدلا من الإزعاج
ماتت ابتسامته حين وجد الطفلة جادة جدا وهي تقول
- الحكاية كلها سم فئران ولدينا منه الكثير
بدأت اليد اليسرى تنبض نبضات غريبة
لعن اليمني التي كالمشلولة
وحاول السيطرة على اليسرى ليتصل بصديق ممن يحبون الإفتاء فى الطب
زادت المأساة بنفاد الرصيد
وتحولت المأساة لمهزلة حين انفصلت عن جسده اليد اليسرى وقفزت من الشباك
هرول للخارج
وتعجب لأن صراخه ضاع بدون جدوى فقد رفض المارة مساعدته فى الامساك باليد الهاربة
عند شاطئ النيل وجد اليد تغيظه
وهي تربت على كتف العشاق الفقراء الخارجين للنزهة
وورطته اليد حين ضربت الشرطي الذي يحاول مضايقتهم
والأغرب أن الشرطي ضربه هو دون أن ينتبه أن اليد تفعل ما تشاء
من الهرولة للشجار للتعب صارت رحلته فى مطاردة اليد اليسرى
إلى أن وصل – خلف اليد طبعا – تحت أحد الكباري
رأي بائع المناديل العجوز فى بقعة مظلمة وبجواره
طفلة صغيرة ابتسم لها
ماتت ابتسامته لأنه رأي البائع يجذب يد البنت ويدخلها من جيب جلبابه الواسع نحو عضوه
فار الدم فى جسده وانتفض
حاول الحركة لكن يده اليسرى قد سبقته
وجد اليد تضرب رأي البائع فى الجدار بعنف
وأغرقت دماء العجوز الأعمى الشارع
لكن نظرة الطفلة شلته
رغم حزنها لكنها بدت كأنها تسترحمه ليبتعد ويتركهما
فابتعد
ابتعد
حتى عاد لبيته مرة أخرى تاركا اليد اليسرى فى الشارع وحدها
حاول أن يفرغ ما في معدته عدة مرات لكنها خالية فزاد ألمه
وأخيرا
أغمض عينيه أملا فى أن يكون كل شئ مجرد حلم لا أكثر !

أشرف نصر

http://ashrafnasr.blogspot.com/

Jul 18, 2012

اليد اليسرى

سيكتب قصة حلوة تفوز فى المسابقة
لم ي
كن يهمه الحفل ولا شهادة التقدير التي ستوضع مع مثيلاتها
يرغب ببساطة فى مال الجائزة
الح
كاية لم تكن بهذا الابتذال
فه
و يحب كتابة القصص والفوز سيساعده على الاستمرار خاصة والأصدقاء يفرحون له ويشجعونه والغرباء يعرفونه
فيحس أن صوته يصل
ل
كنه الآن يحتاج المال
ربما فعلا الحكاية بهذا الابتذال
لا يعرف هل ف
كر فى هذا الحل بعد أن باع المروحة والغسالة لبائع الروبابيكا أم قبلها
أحس بالإهانة من معاملة البائع أ
كثر مما حزن عليهما
لشهور احتمل لهيب الشقة الضيقة بلا مروحة
واعتاد اتساخ الملابس عند الأكمام والأطراف رغم أنه يغسل مرات
أكثر منذ باع الغسالة
تماما
كما اعتاد الحياة بدون بوتاجاز وبدون كومبيوتر
ما يسمونه السلع الاستهلاكية لن يقتله الاستغناء عنها
فلماذا الآن ؟

الأنه جائع يرغب فى سهرة صغيرة فيها طعام مشبع وشراب يحبه
أم لأنه يرغب فى أي مال والسلام
فصل من عمله لأنه سب الدين للمدير فى واحدة من نوبات هياجه
ورغم أن من حوله يعرفون أن المدير يستحق
ل
كن لامه الجميع
و
كرمت الدولة المدير وفصلته هو
ليصبح المدعو هو عاطلا عن العمل مهجورا من حبيبته منسيا من الأصدقاء
هل تزامنت هذه الخسارات أم جاءت نتائج لبعضها البعض
لم يعد متأكدا سوى من أن نوبات هياجه ستلازمه طويلا
المهم الآن هو السهرة
والحكاية كلها قصة تفوز فى المسابقة
والأمر ليس معقدا فشروط المسابقة الكتابة عن القيم الجميلة وروح الدين السمح
بلغة فصحى تخلو من العامية وطبعا لابد أن تخلو من السباب الذي تحفل به قصصه
فلن تشخر شخصية فيها ولا تسب الدين ولابد أن تحمد الله فى السراء والضراء
لاشك فى موهبته رغم أن حبيته سخرت منها ومن الكتابة ومنه بقسوة فى آخر لقاء
سيتخلى إذن سخريته السوداء وكآبة أجواء عالمه القصصي وعليه أن يهادن القدر
الحكاية بسيطة والقصة ستفوز ولو لم تفز سيرسلها لمجلة عربية تنشرها
ويحصل عبر فرق العملة على بعض المال
بدأ فى ال
كتابة الآن
يده اليمنى ثقيلة كالمشلولة
تتحرك بصعوبة على الورق
ولا وقت لديه لرحلة العلاج التي طالبته بها حبيبته
أو تلك التي كانت حبيبته
يحاول بيده اليسرى فتزيد الصعوبة
كتب بعد عناء "عرفت الآن لماذا خلقت اليد اليسرى
لأن
ك ستشل اليمنى
ش
كرا لك" ترك الورق متعبا
ظل ينظر للجملة لدقائق
أمسك بيسراه الولاعة وأشعل طرف الفراش
بدأت الشقة تحترق به
وهو لا يتوقف عن الضحك !

أشرف نصر
http://ashrafnasr.blogspot.com/