زهرة الخشخاش
لوحة فان جوخ المسروقة
- زهرة الخشخاش سُرقت!
أحسن.
منذ سنوات دعاني عبد الرحيم لزيارة متحف محمد محمود خليل وحرمه ،الذي زاره قبلي ، متحدثا عن جمال المكان ومقتنياته من أعمال رينوار ومونيه وطبعا فان جوخ وغيرهم .وفي صباح من الصباحات التي تجد نفسك فيها منشرحا بلا سبب معين ذهبت للمتحف وحدى.
دفعت ثمن التذكرة – كانت زهيدة على أي حال – ودخلت القصر
من أول خطوة داخل حديقة القصر تنسى كل شيء فنسيت -تجربة الأتوبيس المزعجة- ونسيت الشوارع الصاخبة بالخارج.
لأجد نفسي فى عالم مختلف مع رجل له عقلية مختلفة عن أثرياء بلادنا (التعيسة) وعن فقراءها وعن مسئوليها بالطبع
فهل ولد محمد محمود خليل فى البلد الخطأ ؟
محمد محمود خليل الثري وراعي الفنون عين وزيرا لكن الأهم أنه كرس حياته لجمع التحف والمقتنيات الفنية الأصلية- ضع ألف خط تحت كلمة الأصلية -
وكانت – الفقيدة - زهرة الخشخاش هي اللوحة الوحيدة لفان جوخ بمصر..إنهم يتحدثون اليوم عن أن ثمنها قد يصل لنصف مليار جنية
وكأن المسألة مبلغ كبير ضاع !
هل ولد الرجل في البلد الخطأ؟
محمد محمود خليل أوصي زوجته فأوصت بتحويل قصره لمتحف بعد وفاته لكي يشاهد أبناء مصر وزوارها مقتنياته الفاتنة
ورددنا له الجميل كالتالي:
عاني القصر/ المتحف من الإهمال في عصر عبد الناصر ويبدو أن النظام الثوري تحرج (وكأنه سيجرح شرفه الثوري الرفيع ) من المحافظة على قصر من العصر البائد !
حتى جاء السادات وبجرة قلم (بمنطق كله يكسب كله مبسوط) استولي السادات على القصر وضمه لبيته وتم إلقاء المقتنيات في المخازن
وسرقت –المسكينة– زهرة الخشخاش ثم عادت بطريقة لفها الغموض
حتى شاع أن من عادت – بلا رائحة كالزهور البلاستيك – أقصد لوحة شبيهة وأن الأصلية خرجت ولم تعد.
فهل ولد الرجل في البلد الخطأ؟
جاء مبارك وبقرار ( وما أجمل القرارات،
ولكن كالعادة من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله )
تم إعادة القصر للغرض الذي أراده صاحبه فعاد متحفا بديعا فخرجت اللوحات والتماثيل من المخازن
ووضعت فى القاعات ومداخل القصر ووضع لها نظاما في الإضاءة والعرض والأمن خاصة والجميع يعرف أن الكثيرين يستكثرون علينا مقتنيات الرجل وخاصة المسكينة (زهرة)
فى بداية زيارتي الوحيدة للمكان
وضع الموظف بيانات البطاقة في الدفتر .
كنت أسير مبهورا
ثم انتبهت لخطوات تتبعني
وفوجئت بالموظف هو الذي يسير خلفي فسألته لماذا يتبعني ؟
ادعي انه يريد الشرح لي عن المقتنيات
قلت –صادقا رغم عدم تصديقه لي- : لا أريد سوى المتعة وأي معلومة احتاجها سأبحث عنها
دخلت قاعة –زهرة الخشخاش – فوجدت الكراسي موجودة للجلوس أمام اللوحة والاستمتاع فلماذا يصر الموظف على إفساد تلك المتعة بالتحرك على طريقة المخبرين في الأفلام القديمة
- العبقري كان يشك في لأنه لم يجد فى يدي كشكول محاضرات أو دفتر للرسم وكأنه لا يزور المكان سوى الطلاب لغرض دراسي-
وحين طلبت منه تفسيرا هذه المرة تركني أجلس وحدي
ثم عاد بعد دقائق
صعدت للدور الثاني وشاهدت بقية اللوحات ولك أن تتخيل متعة أن تكون وحيدا في مكان كهذا (البديع أن الرجل كان منفتحا على مختلف الثقافات وليس فقط الأوربية فما أبدع التماثيل اليابانية التي فى أركان القصر)
أنهيت زيارتي وخرجت
كلما حكيت حكاية الزيارة للأصدقاء أسخر من الموظف الذي يتعامل بطريقة المخبرين وحاسة الشم عند الكلاب
في عصر كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار
الآن عرفت السر
الموظف خاف أن تضيع العهدة في ورديته
(تخيل مقتنيات كهذه أصبحت تُعامل على أنها عهدة )
وليتهم أفلحوا !
القصر تعرض للسرقة في عز الضهر
الزهرة سُرقت والباشا وزير الثقافة عمل مؤتمر صحفي بسرعة
ثم أرسل بيانا أن اللوحة عُثر عليها مع راكب إيطالي ومعه فتاة قُبض عليهما
لا تفرح سرعان ما أرسل الباشا وزير الثقافة بيانا ثالثا للصحف ينفي العثور علي الزهرة
والبحث ما زال جاريا
وحين زار النائب العام القصر /المتحف وجد التالي :
كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار معطلة
تمثال لكيوبيد محطم
الموظفون وقت السرقة كانوا يصلون الظهر !!
ألطم ولا تقولوا عيب على الرجال اللطم!
لي رجاء :كل ما اطلبه من اللصوص في المرة القادمة ترك اللوحات البديعة "البروفيل لحرم محمد محمود خليل"ليس بسبب جمالها فقط فما أكثر المقتنيات وربما تغريكم أكثر لكن أتركوا لوحات الزوجة في بيتها كفانا إهانة لها ولزوجها.
- زهرة الخشخاش سرقت !
أحسن.
نحن لا نستحقها
ولا نستحق محمد محمود خليل
وأرجو من الثائرين على اختفاء اللوحة
البحث عن بلد(صح) يستحق القصر ومقتنياته وصاحبيه.
http://ashrafnasr.blogspot.com/
No comments:
Post a Comment