Apr 12, 2014

12 Years a Slave


12 Years a Slave

تاريخ من الألم والعار

أشرف نصر
إنتاج : أمريكي 2013
تأليف: القصة الحقيقية من مذكرات سولومان نورثوب
 والسيناريو ل: جون ريدلي
إخراج : ستيف ماكوين
بطولة: شيوتيل ايجيفور
جوائز واعتبارات:
بعض الأفلام تعد بمجرد ظهورها على شاشة السينما حدثا سينمائيا ، وتحتفي بها المهرجانات بل ويمكن القول أن الجوائز تسارع إليها وليس العكس ، ويعد فيلم " عبد لاثنتي عشرة سنة " أحد نماذج تلك النوعية ، فالفيلم منذ ظهوره يواصل حصد الجوائز فكان من المنطقي ترشيحه لتسع جوائز أوسكار 2013 ، وبعيدا عن الجوائز – التي لا تخلو للأسف أحيانا – من الحسابات غير الفنية ،فهذا الفيلم يحظى باحتفاء نقدي وجماهيري كبير
ثنائية السيد /العبد:
الجديد فى القصة الحقيقية التي يقدمها الفيلم أن ثنائية السيد والعبد لم تقدم لنا صراعا بين أحد السادة وأحد العبيد وصراع الإرادات بينهما بل سر مأسأة البطل فى زمن العبودية فى أمريكا أنه رجل حر تعرض لخديعة فبيع على أنه عبد ، صدمة تُدخل السيد سولومان فى دوامة وجحيم لا نهاية له ، إن القيود والأغلال تبدو أهون ما في الأمر ، التجربة التي علينا أن نكابدها مع البطل ليست حتى فى أن يصبح العبد بلات ، فقد تم تغير اسمه كما تغيرت حياته ، هكذا يصبح هو رب الأسرة السعيد الذي يعزف الموسيقى ويحظى باحترام الجميع لنوع آخر أو درجة أقل بل يصبح شيء مجرد ملكية خاصة لانسان مثله ، لمجرد أن أحدهما لون جلده أبيض والآخر لون جلده أسود.
فى رحلة الفيلم يكشف الفيلم عشرات التفاصيل التي نفعلها ببساطة دون أن نحس ونحن نفعلها بنعمة الحرية ، تفاصيل كالنوم وقتما نحب ، والاستحمام ، وممارسة الجنس مع من نحب ، وحتى الرقص يعزف هو للعبيد ليرقصون ليس لأنهم سعداء بل لتسلية السادة كأنهم قرود أو حيوانات سيرك !
تفتح التجربة عيون البطل على عصره وما رآه قبلها من تفاصيل ظن أنه بمنأى عنها ، فقد تذكر كيف دخل مع زوجته احد المتاجر وعومل بإحترام وحين تجرأ أحد العبيد المارة على الدخول اخرجه سيده من المتجر وهو يعتذر للسادة !
هكذا تنفجر الأسئلة والجميل فى السيناريو الإشارة لها عبر المواقف الدرامية دون أن تطرح فى الحوار ودون حتى مولوج داخلي للبطل نسمعه ك"فويس اوفر" بل الفيلم يعتمد على وضع المشاهد فى التجربة كي يشارك بطله المأساة ، فلماذا تمنح الحقوق لانسان وتسلب من غيره ، تتسع دائرة الحقوق فى جحيم العبودية من التفاصيل الحياتية الصغيرة وصولا للحق فى الحياة ، ف"السيد" وحده يقرر من يعيش ومن يموت !
البقاء  أم الحياة ؟ :
فى بداية رحلة العبودية يحاور سولومان زميله العبد الذي يرى أن من يريد البقاء حيا منهم عليه الطاعة وعدم اخبار احد انه يقرأ إلى آخر الوصايا التي تجعلهم مجرد آلات عمل بلا روح أو تميز يجلب غضب السادة فيرد سولومان فى جملة دالة: لا أريد أن أحيا بل أن أعيش.
وخلال الفيلم نلمس سر تميز سولومان فهو لم يستسلم من داخله وظل رغم وجود ألف سبب لليأس لكنه يقاوم ، يرفض أن يقبل الفكرة ، نعم حاول الهرب فى أول فرصة وصدمه مشهد شنق عبيد فى وضح النهار لكن الفكرة هو أنه لم يقبل فى قلبه الاستسلام فنجا ، واستطاع العودة للحياة، فكم من أناس يتنفسون ويمشون على الأرض وهم أموات فقدوا حريتهم فبقوا ولكنهم لا يعيشون !   
 قسوة العلاج :
هل انتهت العبودية ؟ هل أمريكا والعالم اليوم فى حاجة لمشاهدة فيلم يحكى عنها وعن هذه المرحلة من تاريخ البشرية؟ الحقيقة أن من يأمل خيرا فى البشرية عليه أن يجيب بنعم لأننا بحاجة للمكاشفة والتذكير بجرائمنا كبشر فى حق بعضنا البعض، وفى مثل حالاتنا هذه نحتاج لصفعة لنفيق ونعرف جرائمنا على مدار تاريخنا، لاحظ أننا لم نتكاشف عن جرائم العبودية فى تاريخنا العربي!
وهو ما نجده هنا فسوف نلحظ تعمد اظهار مشاهد  التعذيب كأنه يؤلم مشاهديه بنفس ألم 
أبطاله،الكثير من الجلد والصفعات والأجساد التي تشققت تحت السياط، لعلنا نحس !
***
نُشر بمجلة أبيض وأسود
العدد 27 مارس 2014 


No comments: