اليد اليسرى (2)
لم تحترق به الشقة
وهكذا فشل فى الانتحار كما فشل فى الكتابة
كل ما ناله هو سباب الجيران الذين اضطرتهم رائحة الشياط للدخول عنده
وكسروا بزيارتهم هذه قرارهم بمعاملته كالموبوء الذي يجب تجنبه
سبوه وخرجوا لكن طفلتهم وضعت يديها فى وسطها وهي تسخر منه
- حين ترغب فى الموت أرسل لي لأفعل، بدلا من الإزعاج
ماتت ابتسامته حين وجد الطفلة جادة جدا وهي تقول
- الحكاية كلها سم فئران ولدينا منه الكثير
بدأت اليد اليسرى تنبض نبضات غريبة
لعن اليمني التي كالمشلولة
وحاول السيطرة على اليسرى ليتصل بصديق ممن يحبون الإفتاء فى الطب
زادت المأساة بنفاد الرصيد
وتحولت المأساة لمهزلة حين انفصلت عن جسده اليد اليسرى وقفزت من الشباك
هرول للخارج
وتعجب لأن صراخه ضاع بدون جدوى فقد رفض المارة مساعدته فى الامساك باليد الهاربة
عند شاطئ النيل وجد اليد تغيظه
وهي تربت على كتف العشاق الفقراء الخارجين للنزهة
وورطته اليد حين ضربت الشرطي الذي يحاول مضايقتهم
والأغرب أن الشرطي ضربه هو دون أن ينتبه أن اليد تفعل ما تشاء
من الهرولة للشجار للتعب صارت رحلته فى مطاردة اليد اليسرى
إلى أن وصل – خلف اليد طبعا – تحت أحد الكباري
رأي بائع المناديل العجوز فى بقعة مظلمة وبجواره
طفلة صغيرة ابتسم لها
ماتت ابتسامته لأنه رأي البائع يجذب يد البنت ويدخلها من جيب جلبابه الواسع نحو عضوه
فار الدم فى جسده وانتفض
حاول الحركة لكن يده اليسرى قد سبقته
وجد اليد تضرب رأي البائع فى الجدار بعنف
وأغرقت دماء العجوز الأعمى الشارع
لكن نظرة الطفلة شلته
رغم حزنها لكنها بدت كأنها تسترحمه ليبتعد ويتركهما
فابتعد
ابتعد
حتى عاد لبيته مرة أخرى تاركا اليد اليسرى فى الشارع وحدها
حاول أن يفرغ ما في معدته عدة مرات لكنها خالية فزاد ألمه
وأخيرا
أغمض عينيه أملا فى أن يكون كل شئ مجرد حلم لا أكثر !
أشرف نصر
http://ashrafnasr.blogspot.com/
No comments:
Post a Comment