May 12, 2010

ال12


الصيف يدخل والحر يطبق على الصدور
ولا يرطب الجو وينعش النفوس مثل سيرة الناس
فالتقطيع فى المخاليق غيه عند أهل المدينة
زاد أو قل عدد الجالسين على أبواب البيوت
تحلو النميمة و تمتد السهرة وتعلوها الضحكات
حتى تجيئ سيرة للغريب
فيصههل الناس ضحكا وغمزا ولمزا
الغريب لم يكن يخالط أحدا
ولا يرضى بالجلوس معهم أمام البيوت ومداخل الحارات
ولا بالذهاب للحانة لمخالطة السكارى
ولا حتى ضُبط مرة فى صحبة مختلسي المتعة عند مشارف الجبل
الغريب لايخرج من داره إلا قبل الغروب
يسير من الدار إلى شاطئ البحر
وكان سيره برتابة تغيظ الناس
يهز رأسه محييا من يراه
وكثيرا ما يسخر من مر به من هزة الرأس تلك
يصل للبحر ويشترى الترمس
ويتحدث لساعة مع البائعة الصماء البكماء
ثم يعود لداره ولا يراه أحد إلا فى اليوم التالي
فى جلسات الصيف كثيرا ما يسبه الناس حين يتذكرونه
وهم يلعنون تكبره وغروره فى عزلته تلك
ثم يرطبون مجلسهم بالسخرية منه
ويتلون السخرية بالشائعات
حول ماله وعمله ووحدته المريبة
بلا زوجة تغيظه بالنهار وتمتعه بالليل
ثم يختمون السهرات بسيرة بائعة الترمس
ويتبارون فى تخيل ما يعتقدونه عن زيارتها له فى الخفاء
لكن سيرة الغريب لم تعد ممتعة
خاصة وقد انتبه الناس أنه لا يصلي مع من يصلي منهم
لا فى المسجد ولا فى الكنيسة ولا فى المعبد أيضا
ولا تأكد لأحد هل يصوم فى رمضان
أو مع المسيحيين أو مع اليهود
وحاولوا اكتشاف ما يعبد
فعجزوا كما عجزوا عن تخمين كل ما يخص الغريب
ولا يعرف أحد هل صدرت الفتوى بكفره أولا
أم كان الدس به للعسس
بأنه يُلسن علي عظمة السلطان كان البداية
أم لا هذا ولا ذاك بل غضبة الشباب
الذين رأوا أن صلاح الحال لا يجيئ مع وجود أمثاله من الزناه
أو كل تلك التهم التى تورد الواحدة منها النفس مورد الهلاك
اجتمعت فى صيف ساخن فتجمهر الناس
وهم يضربون بائعة الترمس
واتجهوا نحو دار الغريب
قذفوا الدار بالحجارة فلم يفتح بابه
أُلقيت المشاعل فإحترقت الدار بصاحبها
وحتى فى نهايته البشعة ما طلب منهم مساعدة
وهو يتحول من رجل لفحمة سوداء
وحدها بائعة الترمس الصماء البكماء بكته
وحكت لهم كل ما كان يفضفض به كل مغربية
وكلما إنتهت من حكايتها
تذكرت أنهم لا يسمعون

أشرف نصر
http://ashrafnasr.blogspot.com/

No comments: