(وهاهو مقال آخر كان من المفترض نشره في الدستور وللأدباء الثلاثة خالص الشكر )
من اشهر من عرفنا من تم استلهامهم من الواقع كان "محمود أمين سليمان " في رواية "اللص والكلاب " لنجيب محفوظ وهو بالطبع مختلف عن شخصية "سعيد مهران"..
هنا ابحث عن أبطال المبدع الكبير "علاء الديب " والكاتب "منتصر القفاش " خاصة في روايته "تصريح بالغياب " والكاتب "سيد الوكيل " في روايته " فوق الحياة قليلا "
وكما اختلفت أجيالهم اختلفت الفضاءات التي تعاملوا معها ..واختلفت إجابتهم ..
كان سؤالي الأول حول أهم سبب لاختيار
شخصية حقيقية وأهم نقاط توهجها ؟
أجابني الأديب علاء الديب :
أكثر أعمالي له محور رئيسي هو التجربة الذاتية وتجربتي هي حياتي وعائلتي وجيراني وهذا هو المجال الذي أتحرك فيه .
أما الكاتب منتصر القفاش يقول عن روايته " تصريح بالغياب "
أن المنطلق هو طبيعة تجربتي في الجيش ككل ..ولم يكن التفكير في البداية في شخصية بعينها ..فكنت ابحث حول كيف كانت طبيعة تلك التجربة وكيف أراها ومع بداية المقاطع الأولي بدأت تظهر إمكانياتها علي مستوي الشخصيات .
أما الأديب سيد الوكيل قال :
أن حتى الشخصيات الحقيقية تخضع لواقع التجربة الأدبية وحقيقة الشخصية هي حقيقة فنية حتى لو استخدمت نفس الاسم والسمات ..وفي جميع الأحوال لا شيء يقع خارج التجربة الأدبية ..
سؤالي الثاني كان حول حدود التغيير في ملامح الشخصية الحقيقية ؟
يري "منتصر القفاش " أن الخطوط تماست بين الشخصية الروائية والحقيقية عنده فعلي سبيل المثال شخصية مدير المدرسة العسكرية ولكني قمت بمد الخطوط إلي أبعاد فنية أكثر ولا أخفيك أنني تخليت عن شخصيات مثيرة في الواقع لأنها لا تناسب طبيعة الرواية ..
أما الأديب علاء الديب فقال :
أن الملامح الخارجية لا تصنع أدبا ،والتجربة الإنسانية للفرد هي الأساس وأنا ابحث دائما عن الملمح المتفرد للشخص والذي يعطي دلالة عامة وستجد ذلك في كل أعمالي ..
وعن روايته " فوق الحياة قليلا "قال سيد الوكيل :
حجم التغيير يجعل الشخصية مختلفة فعندي مثلا "أبو الشمقمق " الشاعر الذي يمتلك سلاطة اللسان وقوة البيان ..البعض يظن انه الأديب محمد مستجاب ..أنا لا انفي ذلك ولا أؤكده ..أشير فقط إلي أمرين :أولا أنني نجحت في إعادة خلق النموذج التاريخي .
ثانيا :أن مستجاب شخصية جذابة بالفعل وملهمة للكتابة ولا اعتقد أن ذلك يزعج مستجاب فهو يعلم أني أحبه
(كان الحوار في حياة الكاتب محمد مستجاب )
سألت الكتاب الثلاثة هل هناك حاجة للإشارة للشخصية الحقيقية (المصدر ) وهل سيفقد المتلقي شيئا إذا لم يعرفها ..
أكد الكاتب علاء الديب : أن المشكلة في المجتمع العربي ذاته الذي يظن أن المحافظة عليه هو إخفاء المستور ويرفض دور الأدب في الكشف والتعرية ولذلك يضطر الناس لتلمس الشخصيات الحقيقية في الروايات ..لكن لو كان في المجتمع مناخا صحيا لما احتاج الكاتب للترميز ولا المتلقي للبحث هل الشخصية هي فلان ..
أما سيد الوكيل يقول :
أنا اقتربت من التاريخ والتوثيق ثم سرعان ما كنت أعود للمتخيل والدخول بتعليقات ساخرة لشرح أن الأمر لعبة وهذه المراوغة حيرت القراء والنقاد ..ومن الطريف رفض إبراهيم عبد المجيد نشر روايتي وقوله :
أنني اصغر من أن اكتب مثل هذه الكتابة التي تحتاج -في رأيه- إلي رجل في حوزته قدر من الوثائق والخبرات ليتجرأ ويكتب عن طه حسين أو صلاح جاهين مثلا .
ويري منتصر القفاش :
إن الأعمال التي تحتاج لمذكرة تفسيرية من خارج العمل الفني لا تستهدف سوي القيل والقال وعلي سبيل المثال سنجد أن رواية "أولاد حارتنا " خسرت كثيرا علي مستوي التلقي عندما حاول الناس الربط بين أبطالها وبين شخصيات في التاريخ الديني وكأنها مجرد "تلسين " علي الأديان ..بينما قيمة الرواية تستمدها من قدرتها علي تقديم رؤية عميقة للأسئلة التي واجهها الإنسان علي مدار وجوده..
آخر أسئلتي كان هل يوجد ما يسمي بتشويه شخصية حقيقية عند ظهورها في رواية ؟
أكد سيد الوكيل :
أن القارئ يمنح نفسه ذلك الحق في الحكم لو كانت الرواية وثائقية ولها رهان إيديولوجي كما عند "صنع الله إبراهيم " ..والغريب انك إذا كتبت عن نجيب محفوظ لن تحتاج للحذر مثل الكتابة عن صلاح الدين فالماضي مقدس عندنا وكلما اقتربنا من عصر النبوة تزداد القداسة ..
أجاب منتصر القفاش سؤالي :
أن الكتابة لا تشوه أو تجمل لأن كل هذا يعتمد علي مقاييس خارج الفن والشخصية تستمد أي سمه لها من خلال التجربة ذاتها ..أما الكلام عن شخصية مشوهه أو حسنة السير والسلوك نوع من الكلام الذي عفي عليه الزمن ..
بنفس الهدوء الجميل قال الأديب علاء الديب :
سأعطيك مثالا في السير الذاتية العربية ..كم من الأدباء كتب عن تجاربه الدينية أو الجنسية أو علاقاته بأسرته ..ستجد العدد قليل جدا وبهامش ضئيل بالفعل،لذلك المشكلة ترجع لمجتمع لا يسمح بالتعبير الكامل ويتحدث عن التشويه والإساءة للسمعة ..
آخر ما قاله منتصر القفاش كان :
العبرة دائما بالتجربة الروائية في حد ذاتها
أما الطريف هو ما قاله سيد الوكيل :
بعض الأدباء !!غضبوا من "فوق الحياة قليلا " واعتبروها تعريضا بهم ..
وتركت الأديب علاء الديب بعد أن قال كمُعلم :
النفس الإنسانية فيها كل التفرد وتعرية ذاتك هي عملك كمبدع ..وهي الشيء الوحيد الذي لن يستطيع أحد مصادرته .
أشرف نصر
2 comments:
اشكرك ياجميل على نشر هذا الحوار الذى كدت أنساه
لكن فى الحياة شخصيات جميلة
وهذا يدفعنا لنستمر نكتب
سيد الوكيل
كل الشكر لك يا أستاذ
وهذه ميزة المدونة لا تحتاج لتعقيدات عالم الصحافة
وأتفق معك تماما حول شخصيات الحياة
أشرف
Post a Comment