Sep 12, 2014

The Color of Paradise

                                                             
فيلم :لون الجنة
إخراج: مجيد مجيدي
أولا: السيناريو:
من يد تلمس الحروف إلى تلمس الأرض ،وأخذ العصفور،وصعود الشجرة
إلى تلمس وجه الفتاة،ثم تحسس الزرع ،إلى آخر مفردات لغة جديدة يلعمها لنا الفيلم،
ليست لغة لمس الأشياء بل لغة الإحساس بها .
إن يد الله التي يخبر المدرسون بها الطفل محمد، وأنها ستلمسه هي نقطة بداية ونهاية الفيلم.
لقد تم بناء السيناريو على أساس التصاعد فى التعرف على الأشياء
وتطور علاقة محمد بالزرع والبشر والكائنات
ليصل لعلاقة مع الخالق، خالق كل هذه الأشياء..
يتواصل محمد مع البراءة وشخصيات تستطيع أن تقبل هذه البراءة )الطفلتين-الجدة-العصافير)
بينما من لم يصل إلى مستوى الشفافية –الأب-نرى علاقته المتوترة مع محمد فهو بالنسبة له مجرد طفل أعمى .
طفل لن يكون سوى معوقا لكل مشاريعه فى الزواج والحياة الطبيعية.
ثانيا: الشخصيات:
محمد: رسمت شخصية محمد كشخص يحمل مستويين فى بناء الشخصية :الشكل الخارجي الذي يقدم طفل غير جميل شكليا..بينما يحمل فى ضلوعه شخصية ملائكية ،،طفل لا تملك إلا أن تحبه ،،فهو يتواصل مع الشجر وصوت العصافير.
إن الطفل محمد يغضب ويثور فى مشهد وحيد حينما يحس أن رغم كل رعاية مدرسه وجدته ،لكنه يرى أن لا أحد يحبه وخاصة الله الذي خلقه هكذا ..
هذه الثورة ليست بقصد الرفض والتمرد بقدر ما هي تساؤل وعتاب من محب لحبيبه..وكأن علاقة محمد والله علاقة بين المتصوف وربه..
إن اليد التي تنير فى النهاية هي قمة الوصل ..وتجلي المحبوب لحبيبه.
2-شخصية الأب: رسمت الشخصية بعناية ،حيث يقدم كمسكين تعاطفت معه بشدة ،فقد أضفى عليه السيناريو النبل،فهو بلا زوجة وله أم عجوز وطفل أعمى ،لا يقدر الأب على الزواج ،حتى الفتاة تعيد له شبكته وهداياه.
ورغم كل قسوة الأن لكننا –او هذا تصوري- أراه مسكينا يستحق الشفقة ،وخاصة فى مشهد المطر حيث نرى كم هو بائس يشبه ابنه..
فالأب يحتاج هو الآخر ليد الله لتنقذه ،لذا كان من الرائع أنه رغم كل ما فعله للتخلص من ابنه لكنه فى النهاية يحارب من أجل انقاذه وكاد يفقد حياته..
3- شخصية الجدة: نموذج ثالث للحكاية ،فهي من الكبار الذين لن يحسوا براءة الأطفال أو ملائكيتهم لذلك يعلن محمد أن جدته لا تحبه..لكنها رغم ذلك ليست مثل الأب فهي تحاول التواصل مع محمد وتفعل ما في وسعها لاسعاده ..
إن مشهد موتها وابتسامتها كأن يد الله مستها هي الأخرى ..
وفى مشهد المشهد نرى روعة الشخصية التي تتعذب من أجل حفيدها ،وتخرج معرضها نفسها للخطر ..إن الجدة نموذج العلاقة أو الجسر بين عالم الكبار بكل مشاكل الحياة والأطفال بملائكيتهم.
ثالثا:الإخراج:
1-لاحظت كثرة استخدام الكلوز آب ربما بشكل كثير جدا لكن تم توظيفه ببراعة فى الفيلم
وخاصة على اليد لأن اليد هي عنصر أساسي فى الدراما
فهي عنصر التعرف على الأشياء عند محمد فهي عينيه.
وأروع استخدام لها كان فى النهاية حيث نرى خاتمة الحكاية ومغزاها.
2-جاءت الأحجام مناسبة مع احساس الشخصية بالمكان حيث نرى اللقطات الطويلة فى مواقف قليلة حينما يلهو محمد فى الغابة ،وحينما يحبحث الأب عن محمد فى مشهد الغرق
بينما جاءت الأحجام المتوسطة تشعرنا بحصار المكان للشخصيات وخاصة ومحمد فى المدرسة والبيت .
رابعا:أهم المشاهد:
1-مشهد الغرق: رغم طول المشهد الذي كسر إيقاع الفيلم وزاد طول المشهد عن اللازم لكن براعة المشهد تغفر ذلك خاصة والطفل محمد لم يظهر أبدا
وكأن الله أخذه عنده ..والأب يبحث عنه فى الماء وكأنه لن يصل له أبدا..والحصان يغرق رغم قوته.
2-مشهد النهاية: حيث الإضاءة البيضاء على اليد فى كلوز أب ليد الطفل
لنرى دون حاجة لكلمة واحدة كيف لمست يد الله كف محمد.
وأظهر المخرج ذكاءا فى عدم ظهور وجه الطفل.
3-مشهد الحلاقة: حيث يحلق الأب ذقنه فيجرح نفسه عند سماع ذلك الصوت المخيف والذي أراه مجسدا لهواجسه ورغباته الشرير فى التخلص من الطفل ونرى وجه الاب متشظيا فى المرآه المكسورة وكأنه المصير الذي استحقه عند التفكير فى ذلك.
4-مشهد المدرسة:ونرى الطفل الأعمى أفضل فى القراءة من المبصرين
ويلعب معهم والأطفال فرحون به بينما الأب خارج السور يرمقه بغضب ويضرب الحصان بغضب
ونرى مشهد لعب الأولاد بالتصوير البطئ ولهوهم ببيض الطيور.
أخيرا: قدم مجيد مجيدي فيلما فلسفيا يخترق مشاعر المتلقي ويعيد تشكيل تفكيره ووعيه فى قضية فلسفية بشكل سلس للغاية
***
أشرف نصر


No comments: