Sep 9, 2014

The End of Affair

فيلم :نهاية علاقة
إخراج:نيل جوردون
بطولة:جوليان مور
قصة:جراهام جرين
..
اولا: القصة وتساؤلات الميتافريقيا:
لماذا نتخيل أن الميتافزيقيا بعيدة عنا إلى هذه الدرجة بينما هي قريبة لدرجة مدهشة فنرى الرب قريب قريب قريب إلى درجة غريبة وتتحكم الميتافزيقيا فى تصوراتنا للأمور وتحكم سلوكنا إلى حد كبير
لكن السؤال الأهم:
-ماهو شكل العلاقة
هل هي طاعة أم عصيان أم تشابك؟
يطرج جراهام جرين من خلال حدوتة تقليدية فى الشكل الظاهري عن زوجة تخون زوجها لكن الخدعة تنكشف ويسحبنا سيناريو بالغ الروعة والدقة إلى غابة من التساؤلات
حيث نرى الزوجة التي انغمست فى حب حياتها تترك آخر شعاع نور لتلجأ إلى طريق مختلف تماما وتلجأ إلى حظيرة الإيمان وبكل اصرار على هجر عشيقها.
إن القصة لها بعد أخلاقي فى تساؤل هام:
من هو الأحق بالمرأة ؟ الزوج
الذي يرسمه المجتمع فى صورة المالك الوحيد لجسد وروح الزوجة ..أم العشيق
الذي هو اختيار خالص للمرأة
إنها قضية أزلية تحتاج لفيلم بالغ الرقة مثل هذا
البعد الثاني: البعد السياسي: والحرب العالمية الثانية حيث نرى ما تفعله الحرب بالزوجة المختنقة بقيود زوج لا تحبه ودوي القنابل من حولها فتندفع بشراهة لبقعة نور تدخل حياتها هي الكاتب.
البعد الثالث: البعد الميتافزيقي:
وهو العلاقة مع الرب حيث نراها تنذر لله أن تبتعد تماما عن عشيقها إذا أحياه الرب وتجده حيا مما يدفعها للوفاء بما نذرت ونرى معجزة شفاء ابن المخبر..
كم هي قريبة الميتافزيقيا من ذواتنا!
2
السيناريو:
سيناريو محكم مرسوم بعناية فنرى أولا: السرد:
السرد يبدأ من الحاضر ويعود للماضي من خلال الانتقال بين مقارنة ما كان ______وما هو كائن
حيث نرى من أول مشهد
صعود الكاتب مع الزوج وتذكره للحظة فى فلاش باك أول صعود له على السلم مع الزوجة
وبين الانتقال من الحاضر إلى الماضي ثم عودة للحاضر إلى اللحظة التي عثر فيها المخبر على دفتر مذكراتها
فيكون السرد وبشكل بارع نرى:
إعادة تقديم ما سبق ولكن من وجهة نظر الزوجة ونرى رؤيتها للاشياء
ثم تتقابل الخطوط لدى الختام للحكاية من خلال الزمن المضارع
ثانيا:الشخصيات: الزوج – الكاتب – الزوجة
على هذه الشخصيات الرئيسية سينصب اهتمامنا
لنرى:الزوج: يظل الزوج شخصية مثيرة للاسئلة منذ اللحظة الأولى حيث نرى العشيق يخبره بجرأة عن علاقته بزوجته فلا يهتم ثم يخبره فى مرة أخرى أن الزوجة على علاقة برجل آخر مجهول ويريه خطابات الحب فيحرقها الزوج رافضا سماعه.
ثم يتضح مدى نبل الشخصية والذي أضفاه السيناريو على الشخصية
فنراه رجلا عاشقا إلى آخر نبضة فى قلبه إلى الدرجة التي يطلب فيها من العشيق أن تبقى الزوجة معه مادامت سعيدة..
ان هذا المدى من التفهم والتسامح والسمو بعاطفته بدلا من المشاعر الأولية وبدلا من الثورة وارتكاب حماقة ما يضحي الزوج كفارس ويقرر الانسحاب من أجل من يحب.
لقد رسمت الشخصية بشكل دقيق للدرجة التي جعلت مشاعرنا حيادية تجاهها فى البداية ثم نغرق فى الشفقة عليه حين نتفهم مدى حبه لها ونحس بالتعاطف والحيرة الشديدة والتقدير لتصرفه فى النهاية وحين يقرر تركها ونتفهم اخيرا مدى حزنه على موتها.
شخصية الكاتب:
كلمة سيئة العشيق )سيئة فى لاوعينا) لكن الكاتب هنا عاشق حقيقي تشتعل الغيرة داخله حين تقرر هجره للدرجة التي يسمو به عشقه ويعطيه الحق فى المرأة التي يحبها..إنه هنا يواجه ________صاحب الحق المكتسب بحكم علاقة الزواج –فى المرأة-لكنه الكاتب هو صاحب الحق –الشرعي فى رأيه-فيمن يحب
لقد وصل به العشق لدرجة يغار فيها على من يحب حتى من الحذاء الذي يأخذها بعيدا عنه.
لذلك يحارب بكل قوته لانتزاع محبوبته وحتى عندما يصل الأمر للبعد الميتافزيقي وتصل المواجهة لمواجهة الرب فهو لا يتراجع
على العكس يزداد تصميمه على الدفاع عن من يحب.
لقد صرح فى النهاية :
انه يكره الزوج –القس –الرب –يكره كل العالم ومن فيه
لأنهم باعدوا بينه وبين من يحب
ياله من عاشق رائع!
إن تصرفاته فى البداية وذهابه لزوجها وفضحه للعلاقة لك يكن سوى غيرة من طبائع العشاق وليس عن نذالة أو هجر للمحبوبة وكشف لاسرارها ..
وحين يكتشف من الدفتر سر تغير المحبوبة تلتهب اشواقه ويزداد اصراره على ارجاع المحبوبة والدفاع عنها حتى بعد موتها فموت الجسد لا يعني نهاية العلاقة
-لذلك لي تفسير خاص لعنوان الفيلم سوف أشرحه فى موضعه- المهم أن الكاتب –فيما أرى-
العشق المكسو بالعظم واللحم.
شخصية المحبوبة/الزوجة/المرأة:
نبدأ الفيلم مع معشوقة قد هجرت حبيبها وعادت زوجة كما يقتضي دورها الاجتماعي
ثم نكتشف العلاقة الخاصة مع الرب
ثم تعود لاحضان حبيبها
لتكون فى النهاية  المرأة بكل –جمالها وتناقضاتها-
لأن عنوان الفيلم –فى رأيي-:عن علاقتها بالرب والتي انتهت
هذه:التحولات الدرامية فى هذه الشخصية المثيرى دراميا والتي تحتاج الممثلة جوليانا مور عشرات الجوائز للتعبير عن مدى قدراتها فى أداء هذا الدور
نرى الشخصية ومواقفها المتباينة بين الماضي---------الحاضر--------ثم مرحلة انكشاف السر والمرض
ووصول الشخصية لحالة من الشفافية
لقد صارت مثل المسيح أو صارت من النورانية والشفافية أن شفي الولد من قبلتها
إن الحب الذي يسكنها مثل نور المعجزات الذي سكن يسوع.
إن العلاقة مع الرب كانت أكبر من احتمالها البشري فماتت
لكن بعد أن عادت لمحبوبها البشري ربما لأنها ترى او اكتشفت اخيرا ان الحب لم يكن ابدا خطيئة تحتاج التوبة
3
اساليب درامية
أ-الانقلاب الدرامي:
لقد لعب السيناريو على الانقلاب الدرامي فى شخصية المرأة حيث كانت الحادثة :حادثة الانفجار ادت بالشخصية لانقلاب درامي حاد جعلها تتغير 180 درجة
حيث هجرت حبيبها واصبح لها حياتها الخاصة وتفاصيل مختلفة تماما عما اعتادت.
ب-التحول الدرامي:
وقد حدث بعد اكتشاف الكاتب لعلاقة المرأة مع الرب وعادت هي لحبه
وقد صارت الشخصية شخصية مختلفة عن نقطة البداية )فى العلاقة مع الكاتب) ومختلفة ايضا عما صارت اليه )فى العلاقة مع الرب) لتصبح فى حالة وسط أو مزيج من الحالتين
ولتستقبل الموت بوجه جديد نراه: وجه راض تماما عن افعاله غير نادم على خطيئة ما وغير رافض للمرض والموت
إن حالة الرضا اشبه بحالة اليقين بعد رحلة شك قاتلة .
ج-المفاجأة: استخدم السيناريو ايضا من الاساليب الدرامية تكنيك المفاجأة
عندما انفجرت القنبلة فهوى الكاتب على السلم وكانت المفاجأة هنا
تجعلنا نشارك فى الحيرةى كأنها مفاجأة الكاتب حين انهت المحبوبة العلاقة بعد هذا الحادث.
د-المفارقة:واستكمالا للاثر الدرامي المطلوب كان من الاشياء البارعة استخدام اسلوب المفارقة
عندما قرأ الكاتب المذكرات وشاركنا –نحن الجمهور- فى مفارقة معرفة او اكتشاف الاسباب الحقيقية للتحول الذي اصاب المحبوبة .
ه-الفلاش بالك: استخدم بشكل بارع وخاصة فى البداية ومن اروع تطبيقات الفلاش باك:
الفلاش باك السريع لمشهد صعودها على السلم ويده على قدمها
هذه الومضة التي لا تطول اكثر من ثواني هي افضل تطبيقات الفلاش باك-فى رأيي-
فاللحظة رغم قصرها الزمني لكنها أعمق اثرا واشد تكثيفا من عشرات المشاهد المتداخلة التي تغرقنا بها بعض الأفلام على انها فلاش باك.
4
الحوار
إن الحوار فى الفيلم كان رقيقا لابعد حد كل جمكله كأنها وهي بالفعل كذلك مدروسة بعناية وهذه بعض الامثلة القليلة:
1-اغار عليك من حذائك الذي يبعدك عني!
هذا المضمون شديد الرقة يقوله الكاتب للمرأة ليعبر عن بعض مشاعره.
2-ماذا كنت تفعلين؟
-كنت اصلي
-هذا ليس من عادتك .
هذه لحظة التحول الدرامي فى الحدث والانقلاب الدرامي فى الشخصية)المرأة)
3-انا اكرهك يا إلهي!
هذه من جمل الكاتب على الآلة الكاتبة وتعبر عن خلاصة مشاعره نحو من انتزع محبوبته وعن مدى تحديه واصراره على الاحتفاظ بمن يحب .
4-لكن دعني وحدي للأبد!
هذه جملة النهاية على الآلة الكاتبة والتي لا يرغب الكاتب فى شيء سوى حدوث ذلك
أن يتركه الإله وحده ليجتر احزانه وحده بعديا عن كل شيء.
5
اسلوب المخرج
لقد رصد المخرج الحالة بما يشبه الحياد الخارجي الغير متعاطف
فهو ينقل الحدث ببساطة وفى كادرات تبدو ظاهريا لا تحمل وجهة نظر تجاه الحدث بمعنى التدخل فى الحدث.فالاحجام بالنسبة للقطات عادة كانت متوسطة واستخدام الكلوز كان يبدو ظاهريا من اختيار الشخصية
لكن
هذا فى رأيي من براعة المخرج الذي اثبت بعد هذا الحياد الظاهري وجهة نظره دون اقحام والنابعة من قلب الموضوع ومن تفاصيل شخصياته ولنلاحظ:
لم تستخدم ولا مرة إلا فى لحظة اختيرت بعناية وهي: L.SH-أن ال
بعد أن استجاب الله لدعائها ونجا الكاتب من الموت
فنرى اثار القنابل ونرى لندن المشتعلة باخبار القتال
وكأن:: المرأة خرجت من الزاوية الضيقةى التي ترى منها العالم
ومن الشرنقة التي تحبس نفسها فيها
لتحس بأشياء فى هذا العالم تستحق الاهتمام فترى مشاعر الناس فى الشوارع وفى السينما.
وذكاء المخرج عدم اختيا زوايا غريبة عن المألوف حيث يبدو الموضوع بسيط ومعالجته من جانيه بسيطا من اجل الوصول من هذه البساطة لطرح اخطر القضايا
والدقة التي عالج بها موضوعه من جانبه التاريخي نلحظه سواء فى انواع الاكسسوار من طفايات –نوع البيرة –الشماسي وفى الديكور المناسب لاربعينات القرن فى لندن والملابس وانواع الفراء والاحذية
ينقلنا لعنصر درامي هام استغله المخرج بعناية:
وهو المطر:
الذي يحمل العديد من التفسيرات من بينها:
-علامة الحياة المتدفقة والمستمرة مهما كانت الظروف .
-علامة على وجود الرب فى حياتنا كل لحظة
خاصة ونراه كأنه يحاصر الكاتب فى آخر مشهد ويدق الزجاج
كأنه يرد على جمل الكاتب التي يطلب فيها من الرب أن يدعه وشأنه.
-والكثير من التفسيرات الأخرى مثل:
انه العنصر الذي يمحو الخطايا
وانه علامة الخير
ولكن
الجميل والملفت للانتباه أن المطر مثل الفيلم يحتمل الكثير من التفسيرات رغم خروجه من ارضية مشتركة
ولا نملك فى النهاية سوى الوقع فى أسره.
***
أشرف نصر

No comments: